قال تعالى: (وأذّن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير } (سورة الحج)27-28
وقد ورد عن الحبيب محمد معلّم الناس الخير رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من حجَّ فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه" رواه البخارى.
“الحجاج والعمّار وفد الله إن دعوه أجابهم وإن استغفروه غفر لهم” صحيح الجامع.
"تعجلوا إلى الحج فإن أحدكم لا يدرى ما يعرض له" رواه أحمد وحسنه الألباني.
وورد عن صحابته الكرام: قال على بن أبي طالب رضي الله عنه: "استكثروا من الطواف بهذا البيت قبل أن يُحال بينكم وبينه".
وقد أردت هنا أن أتعرّض فقط لسلوكيات وأخلاقيات تربوية، يجب أن يمارسها المعتمر والحاج في رحلته العظيمة؛ لعل الله ينفع بها وتكون معالم على طريق المعتمرين والحجيج.
إليك أخي المعتمر .. إليك أخي الحاج
(1) اجتهد من الآن في تعلّم مناسك العمرة والحج؛ كي تؤديها بشكل صحيح بعيدا عن كلشبهة وحرج.
(2) احرص على إخلاص النية لله تعالى قبل عمرتك وحجّك. وأظهِرْ لربك من نيتك خيرا تجد منه كل الخير.
(3) كُنْ ليّن الجانب في التعامل مع الجميع ممن تعرفه وممن لا تعرفه من داخل الحملة أو
من خارجها، واجعل من نفسك نموذجا للمعتمرين والحجاج يحتذون به.
(4) اجعل البسمة والبشاشة تعلو على وجهك الطيب، واستخدم في كل شيء الألفاظ الإسلاميةالمعروفة في المناسبات المختلفة ليتعلم الناس منك مثل: جزاكم الله خيرا، بارك الله فيك، نسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك، لا بأسطهور إن شاء الله، وغيره.
(5) درّب نفسك على خُلق إيثار الغير على نفسك في المطعم والمشرب والغطاء والصعودللباصات والنزول ودخول الحمام والوضوء وسائر الأمور.
(6) مادمت قادرا وطلب منك غيرك من أصحاب الأعذار أن تتوكل عنه في الرمي حال الحج فاقبل ذلك مجردالعرض عليك، ففي ذلك نفع كبير للناس وأنت منوط بك دائما أن تكون نافعا لغيرك، فهو الإسلام بعينه.
(7) جاهد نفسك أن تجعلها آخر من ينام، وآخر من يشرب، وآخر من يركب وآخر من يتألم، وتفانى في خدمة الآخرين بروح وأداء للدرجة التي تترك الأثر العظيم في نفوس الناس،حتى بعد انتهاء العمرة والحج . .. وكُنْ ذا أثر.
( استشعر دائما أن سيد القوم خادمهم، وأن مساعدتك للغير ابتغاء المثوبةوالأجر من الله ترفع شأنك عند الله وعند الناس.
(9) امنح دائما اهتماما كبيرا بالمعتمرين والحجاج أصحاب العوائل والمصطحبين لأطفال.
(10) لا تترك أبدا مجالا يحتاج لإرشاد ونُصح وتعليم وموعظة إلا وتطرقه لينتفع بكالغير، ولتبلّغ عن حبيبك المصطفى ولو آية، ما دمت عالما بها، فأنت شامة وعلامة. البنان دائمايُشار نحوك. فكن لذلك أهلا.
(11) تذكّر قول أم المؤمنين في وصفها للحبيب محمد صلى الله عليه وسلم عندما سألتكيف كان؟ فوصفته: "بأنه كان خلقه القرآن"رواه مسلم، فكان صلى الله عليه وسلمقرآنا يمشى على الأرض.
(12) أسرع في إعطاء المسكنات للمتألمين وإسعاف المصابين، و كن في ذلك على استعداد بقدر الإمكان.
(13) تفقّد باستمرار أصحاب الأعذار والاحتياجات الخاصة والعجزة والمسنين، دون أنيطلبوا منك ذلك، واستشعر أن في ذلك زكاة لشبابك وصحتك، وأنك في نعمة فاحمد نعمة الله عليك.
(14) اجعل فقرات يومك متنوعة مشوّقة، لا تجعل الوقت يضيع منك في الأحاديث الجانبيةوالدنيوية فأنت في عبادة وفرصة مع الرب كبيرة قد لا تتكرر.
( 15) اجعل هدفك النهائي من العمرة والحج هو: إرضاء ربك بالعودة بعمرة وحج مبروروذنب مغفور وتجارة مع ربك لن تبور، والفوز بالجنة والنجاة من النار والرجوع منالعمرة والحج كيوم ولدتك أمك.
(16) لا تنس المعتمرين والحجاج الصغار، وأشركهم في أعمالك وراحتك ولا تقل صغارافكم من صغار سبقوا الكبار في الفهم والعلم والأدب والدين، أشركهم بحُب وتعرّفعلى الأبناء والآباء وكل من يقابلك فإن أساس ديننا الحب والتعارف.
(17) التزم دائما وبكل تمام في الأداء بكل ما كلفك به متعهد الحملة ومشرفيها، وإن أردت الاجتهادفلا بأس من أخذ رأيهم ومشورتهم، لكن في احترام رأيهم إنجاح لحملتهم وعملهم وبرنامجهم الذي أعدونه لك، وكن سريع الاستجابة والتلبية.
(18) كن على استعداد تام لمساعدة غيرك، إذا طلب منك ذلك، بل وقدّم المعونةوالمساعدة حتى إن لم يطلبوها طالما أن الأمور تستدعى ذلك.
(19) احذر دائما من إبليس ولا تعط له فرصة ليقع بك في حبائله: من السمعة، و الرياء، و الغضب، و الشهرة، و السبّ، و الشتم .. الألفاظ البذيئة وخلافه من محبطاتالأعمال، وكن في جهاد مع نفسك وأمسكها عن ذلك تغنم.
(20) ابذل جهدا كبيرا في الدعاء، والإلحاح على الله والتضرع فالحج والعمرة من الطاعات التييستجاب فيها الدعاء سواء عند الطواف أو عند الصفا والمروة أو غيرها. ورتّب حاجاتك التي تريد من الله قضائها، وكن على ثقة ويقين بأنه لن يخذلك وسيستجيب لك.
(21) اعلم وتذكر دائما أنك يجب أن تكون في أجمل هيئة وأناقة، ليس في المظهرفحسب، بل في الأقوال والأفعال أيضا.
(22) انتبه إلى سلوكياتك دائما وغيّر فيها الغير مرغوبة، وكن أكثر تفاعلا وفاعليةفي داخل مجتمع المعتمرين والحجاج. واجعل من أدائك للعمرة والحج بداية حقيقيةلصلاح نفسك وإصلاحها وتغييرها نحو كل ما هو جميل وحسن.
(23) عندما ترغب في التحدث للغير من المعتمرين والحجاج، حدّد جيدا من أين ستبدأوكيف تنتهي؟ ولاتكن ثرثارا ومضيعا لوقتك فالوقت هو الحياة، وتذكّر أنك في فرصةعبادة تعبدية روحانية عظيمة قد لا تتكرر بعد ذلك فانتهزها ولا تضيع جزءا من وقتك دونفائدة .
(24) لا تنتظر في جميع أعمالك تجاه الغير شكرا من أحد، ويكفيك الأجر من الفرد الصمد.
(25) اعلم أن إكرام الله لك بأداء العمرة والحج هو فرصة عظيمة لتكون مسلما جديدا ترجعمن عمرتك وحجك كيوم ولدتك أمك، معافى من ذنوبك، محيت سيئاتك، مباه بك ربكملائكته. فاحمده دائما على ذلك، وهنيئا لك باختيار الله لك لتكون من المعتمرين ومن حجاج بيته الواقفين بعرفاته, الطوافين بكعبته, الشاربين زمزمه الطاهر.
(26) كن مؤدباً ومهذباً ومتواضعاً عندما تتحدث مع المعتمرين والحجاج أو مع شيوخكوأساتذتك، واعلم أنه إذا كان لكل داء دواء يعالج به فإن الحماقة أتعبت منأراد أن يداويها.
(27) اجعل كلامك كله شهدا عسلا طيبا، فالكلمة الطيبة صدقة، تنشرح لها الصدور وتمتص بها متاعب القلوب.
(28) كن مع المعتمرين والحجاج ـ بل والناس جميعا ـ .. كالشجر ؛ يقذفه الناس بالحجر ويهديهم هو بأحلى ثمر.
(29) احذر العُجب برأيك ونفسك، واحذر تسفيه آراء الآخرين، حيث إن ذلك منأكبر الرذائل الخبيثة التي ابتليت بها المجتمعات المختلفة … عافانا وإياك الله منها.
(30) تجنّب الخلافات الشخصية بينك وبين المعتمرين والحجاج وضع دائما في مخيلتكقول الله تعالى: وأصلحوا ذات بينكم)سورة الأنفال.
(31) إيّاك وكثرة الجدل فان المراء لا يأت بخير، وتذكّر قول الحبيبالمصطفى (أنا زعيم بيت في ربض الجنة لمن ترك المراء ولو كان محقا)رواه أبوداود وصححه المنذري والنووي.
(32) لا تغضب من أي معتمر أو حاج … فالغضب لهيب من نار تشتعل في قلبالإنسان وهو حالة ضعف تصيب الإنسان وليست حالة قوة (ليس الشديد بالصرعةولكن الشديد الذي يملك نفسه عن الغضب)رواه مسلم.
(33) إن أحسنت في أدائك العمرة أو الحج فاحمد الله، وان أسأت فاستغفر الله ..
فما كان من توفيق فيه فالفضل لله وحده لا لنفسك.
(34) ألح على الله دائما أن يتقبل منك العمرة والحج، واحمده أن وفقك لأدائها، وتذكّر أن هناك من المسلمين من تكون أمنيته وأمله أن يذهب للعمرة والحج, لكنّ ظروفه لا تسمح و لا يوجد لديه من المال ما يعينه على أدائها, فكن لله شاكرا وحامدا .